رواية ظنها دمية بين اصابعه للكاتبة سهام صادق

موقع أيام نيوز


خاصته طعمه مرة أخرى.
_أرغب بتناوله مرة أخرى قبل رحيلي لأول مرة يعجبني طعمه بشدة.
_ منكرش بصراحه إن المرادي عايدة كانت عملاه بطريقة أطعم وأخف.
ارتفع رنين هاتف عزيز فنهض معتذرا من نيهان ليجيب على المتصل.
بعد دقائق معدودة عاد عزيز بعد أن أنهى مكالمته التي تخص العمل الذي لا ينتهي.
_ تعلم عزيز رغم ما حدث لنا معا من خسارة بسبب حريق المصنع إلا إنني مشفق عليك يا رجل.

اندهش عزيز من كلامه فواصل نيهان حديثه.
_ لقد هونت عليا زوجتي مصاپي في كل مكالمه بيننا فنسيت أمر خسارتي للمال لكن أنت عزيز كل الأعباء تحملها وحدك ولا أحد بجانبك ولا تخبرني أن أولاد شقيقك معك.
خرجت نبرة نيهان هذه المرة بحزم فتعنت صديقه في أمر الزواج صار يبغضه... فلما لا يتزوج وهو رجل مقتدر بلا عيب يعيبه.
_ نيهان وضعي عاجبني بلاش تبقى شبه عم سعيد في إلحاحك.
تنهد نيهان بيأس ولكنه اليوم قرر ألا يصمت ويقعنه بأمر الزواج.
_ نيرة تزوجت وتعيش مع زوجها خارج البلاد و سيف منشغل بدراسته بأمريكا... أخبرني أين نفسك يا عزيز ألا ترغب بزوجة تدفئ فراشك! لن أقول لك أن تكون أبا ل طفل لكن أنت ألا يحق لك أن تجد من تزيل عنك أعباء يومك.
لو أخبره نيهان بهذا الكلام من قبل لكان مر عليه مرور الكرام ولكن اليوم وبعد ليلة أمس وحلمه المخزي في اشتهائه لجسد فتاة تعيش داخل منزله وتصغره بسنوات عديدة... نيهان يزيد الأمر عليه بكلامه ويتعاون معه جسده في خيانته.
جسده
كلمة تردد صداها داخله...
وكأنه وجد المهرب من مبرر أخر مزيف.. هو لا يحب تلك الفتاة... هو يشتهيها منذ رؤيته لها دون غطاء رأسها إذا ما يعيشه هو شهوة تحركها غريزته كرجل.
_ أعلم أنك لن تأخذ حديثي بجدية عزيز لكني سأستمر دوما بحثك على الزواج.
قالها نيهان بعدما زفر أنفاسه وقد أتى النادل بالطعام أخيرا وانغلق الحديث الذي وجد له عزيز مبررا.
....
قطبت ليلى حاجبيها في دهشة وهي تجد قائمة من الأطعمة يضعها العم سعيد على الوسادة التي تضعها على ساقيها.
_ إيه ده يا عم سعيد.
نظرت عايدة لشقيقها كما نظر عزيز له بعدما أصرف نظره عن متابعة التلفاز.
_ أنا هسيب مسؤلية عزيز بيه عليكي يا ليلى مش ضامن أكل عايدة له.
خرجت شهقة عايدة في صدمة ونظرت إلى زوجها.
_ شايف يا عزيز سامع بيقول إيه عني.
التوت شفتي سعيد وهو ينظر لشقيقته وزوجها ثم أشاح عيناه عنهم.
_ امسكي يا لولو الورقة مالكيش دعوه بيهم... أنا عامل ليكي جدول بالوقت والأكل... اهم حاجه الملح ولو قالك اعملي قهوة أكتر من تلت مرات متعمليش له.
_ أنت هتخلي بنت أخويا تقوم بدورك يا راجل يا عجوز... دي كلها كام يوم وراجعه شغلها في المصنع.
امتعضت ملامح سعيد ونظر إلى ليلى التي تعلقت عيناها بالورقة.
_ لولو موافقة تقوم بدوري مش كده يا لولو.
رفعت ليلى عيناها نحو العم سعيد ثم وجهتها جهة عمها و عايدة التي هزت رأسها بيأس من أفعال شقيقها.
_ أنا هقوم بدورك يا سعيد ومتخافش مش هلغبط في نظام الأكل سيب بقى ليلى في حالها... البنت راجعه شغلها.
نظر إليهم العم سعيد باستياء وسحب الورقة من يد ليلى لكنها أسرعت بالتقاطها منه.
شعرت بالحرج من فعلتها بعدما اتجهت أنظار عايده وعمها
عليها.
_ متقلقش يا عم سعيد أنا هقوم بدورك بس أنت ادعيلي يا راجل يا عجوز.
ابتهجت ملامح العم سعيد ثم رفع يداه عاليا داعيا لها.
_ يارب يا لولو تتجوزي واحد ابن حلال يخليكي أميرة.
خفق قلب ليلى مع دعوته التي لامست قلبها الذي صار يحلم بحلم يراه بعيدا.
....
تجهمت ملامحه عندما اقترب من بوابة المنزل ووجدها تقف مع الحارس وعلى ما يبدو من ملامحها أنه يمازحها.
لولا زجاج السيارة المعتم المغلق لكانت ملامح وجهه المتجهمة فضحته.
ارتبكت ليلى عندما أطلق بوق سيارته ثم أنزل زجاج السيارة جهة الحارس مسعد قائلا بنبرة آمره.
_ شوف شغلك يا مسعد.
تعجب مسعد من نبرة صوته ولكنه فسر الأمر بسبب ضغط سيده في مشاكل العمل مؤخرا.
مرت سيارة عزيز من أمامهم ثم بدأت البوابة تنغلق ببطئ.
_ الله يعين عزيز بيه حريق المصنع كان كارثه بالنسبه ليه.
قالها مسعد ثم نظر إلى ليلى التي قبضت على ذراع حقيبتها بعدما أصابها مرارة تعلم سببها.
التقط مسعد ذلك الطبق الذي كان يضعه جانبا.
_ شكرا يا أستاذه على طبق الرز بلبن.
تمتم بها ثم شرع في التهامه تحت نظراتها التي عادت تتوهج.
_ محتاج مني حاجة اجبهالك من أول الشارع يا عم مسعد.
تساءلت ليلى وهي تتجه نحو الباب الصغير الذي يغادرون منه.
_ الله يكرمك يا استاذة.
أطلقت ليلى زفيرا طويلا عندما وقفت أمام بوابة المنزل بالخارج.
الټفت برأسها لتنظر للمنزل الضخم الذي تسكن فيه مع عائلة عمها كمجرد عاملين لصاحبه.
تحركت جهة المتجر الذي يقع على أول طريق المجمع السكني المعروف بطبقة ساكنيه.
تعلقت عينين عزيز بها وقد وقف بالجهة الأخرى من الطريق.
لقد اخترق فؤاده اليوم شعور لا يستطيع الإعتراف به.
أغمض عيناه ثم أخذ يتنفس ببطئ.
....
ابتسامة واسعة احتلت شفتي عايدة عندما سمعت مديح السيد نيهان للطعام الذي رغب بتناوله قبل عودته إلى تركيا.
_ ألذ ممبار تذوقته حتى الآن عايدة.
_ بالهنا والشفا يا نيهان بيه.
ابتسم عزيز وقد صرفت عايدة عيناها عنهم وهم يتناولون الطعام.
_ بصراحه خلطت الممبار ليلى هي اللي عملاها.
قالتها عايدة ثم نظرت نحو عزيز الذي ترك ما بيده وأخذ يسعل بشدة.
أسرع بالتقاط كأس الماء مشيرا لهم ألا يقلقوا.
_ اممممم ليلى فتاة القطة أليس كذلك.
ابتسمت عايدة من تشبيه نيهان لها بهذا الاسم ثم ألقت نظرة خاطفة متوترة نحو عزيز الذي أخذ يمسح شفتيه بالمحرمة الورقية.
_ ليلى بنت اخو عزيز يا نيهان.
تمتم بها عزيز ثم نظر نحو عايدة التي اندهشت من ردة فعله عندما علم أن ليلى هي من صنعت صنف الطعام الذي أعجبهم.
_ تقدري تروحي المطبخ عايدة
حاول عزيز إخراج صوته بنبرة هادئة وقد رمقه نيهان بنظرة احتلها المكر.
_ لماذا تغضب كلما أتى ذكر هذه الفتاة يا راجل هل يكره أحد ذكر اسم فتاة جميلة
_ نيهان .. ليلى بنت اخو عزيز السواق بتاعي... البنت عايشه هنا عشان ملهاش حد.
حدجه نيهان بعبوس مصطنع ثم التقط الطبق الذي امتلئ بالصنف الذي يعجبه.
_ أرى من الأفضل أن التهم هذا الطبق!! أريد أن أشكر هذه الفتاة على طعامها الجيد.
رفع نيهان طرف عينيه بعدما ألقى بكلماته ليبتسم بخبث حين رأي الوجوم يحتل ملامح عزيز.
...
ألقى هشام الجريدة التي تم فيها ذكر خطبة الطيار صالح
الزيني على حفيدة اللواء نائل الرفاعي.
التقطت لبنى زوجته الجريدة لتنظر نحو الصورة التي جمعت العائلتين ليلة أمس.
_ هو فعلا عنده طفل يا هشام.
تجهمت ملامح هشام من سؤال زوجته فرمقها بنظرة ممتعضة.
_ هو ده اللي شاغل بالك.
جلست لبني على الأريكة والتقطت هاتفها لتتصفحه.
_ ما هو ما دام أرمل وعنده طفل مش العريس الهايل يعني اللي اتمناه لبنتي.. هو أه عيلة الزيني عيلة كبيرة والراجل ليه مكانته بس برضو.. بنت أشرقت متتجوزش أي حد.
حدجها هشام بنظرة قاتمة لتشيح عيناها عنه وسرعان ما كانت تبتسم.
_ شوف يسرا مرات اخوك مصطفى منزله بوست على صفحتها وحاطه فيه صورة العيلة... اللي يشوفها دلوقتي ميشوفهاش إمبارح وهي متكاده إن ابن عيلة الزيني كان من نصيب زينب.
رفعت لبنى عيناها نحو زوجها لترى ردة فعله وقد ابتعد عنها عدة خطوات يسب ويلعن فلم تهتم وواصلت كلامها.
_ قال إيه فاكراني زيها... أنا بنت ألف مين يتمناها.
مسح هشام على وجهه بضيق يتمتم بنبرة ماقتة.
_ ستات عقولها فارغة...
عاد ليحرك يده على وجهه بعدما دلف غرفته پغضب مازال يسيطر عليه منذ اللحظة التي أبلغه فيها والده عن خطبة ابنة شقيقه.
_ كده يا سيادة اللواء تبلغني بعد ما كل حاجه تمت.
...
دلف صالح غرفة مكتبه بوجه محتقن بعدما تلقى التهاني من الجميع عن خطبته التي تمت أمس.
أشار إلى مساعده بأن يتركه بمفرده وقد نفذ ما أمره به في صمت فهو منذ عمله تحت إدارته وصار يعلم طباعه.
ألقى بالجريدة التي ظهر في صفحتها الأولى أمر خطبته ولم تكن تلك الفعلة إلا فعلت جده.
أخذ يدور بالغرفة إلى أن صدح رنين هاتفه.
أخرج الهاتف من سترته وقد ظنه جده لكن اسم المتصل عندما ظهر على
شاشة هاتفه جعله يقطب حاجبيه في دهشة ممتزجة بضيقه وغضبه.
_ صباح الخير.
همست بها زينب بصوت خفيض وهي تنظر نحو باقة الأزهار التي أتتها هذا الصباح.
عدم رده عليها جعلها تزدرد لعابها بحرج فأول مكالمة بينهم كان من المفترض أن تكون منه وليست منها ولكنها أرادت شكره على باقة الازهار التي أرسلها إليها.
_ حبيت أشكرك على الورد.
تمتمت بها ثم قضمت طرفي شفتيها من شدة توترها.
_ آسف يا زينب ممكن نتكلم وقت تاني.
شعرت زينب بالحرج من كلامه وأډمت شفتيها من شدة ضغطها على طرفهما ولكن صوت أحدهم الذي وصلها وهو يخبره بأن هناك أمر عاجل جعلها تدرك أنها اختارت الوقت الخطأ لمهاتفته.
أنهت المكالمة ثم تهاوت على الفراش جوار باقة الأزهار... لحظات مرت وهي شاردة بالنظر إلى باقة الأزهار لتخرج بعدها تنهيدة طويلة ثم التقطت البطاقة الصغيرة المدون عليها بضعة كلمات لطيفة يعبر فيها عن سعادته لدخولها حياته.
ارتسم الحنق على ملامح صالح وهو يسير بخطوات واثقة عائدا إلى غرفة مكتبه بعدما حل أحد الأمور العالقة.
التقط هاتفه وانتظر بجبين مقطب رد جده عليه.
تأفف بضيق وهو يعيد الإتصال بجده لكن شاكر جلس ينظر لهاتفه وهو يرتشف قهوته ببطئ.
ألقى صالح هاتفه على طاولة مكتبه پغضب ثم غرز أصابعه في خصلات شعره.
_ افتكر إن أنت اللي اختارت تدخلها حياتي.
قالها صالح بوعيد وهو ينظر أمامه بنظرة قاتمة وقد لاحت صورتها أمامه.
_ ذنبك هيكون عند شاكر بيه.
....
ارتسمت السعادة على شفتي ليلى وهي ترى حماس عمها بعدما أخبرهم عن مفاجأته التي يعدها الليلة ل عايدة احتفالا بذكرى زواجهم.

_ هتجبلنا بقى إيه وأنت جاي يا سي بابا.
ابتسم عزيز كما ابتسمت ليلى ليقرص وجنتها.
_ هجبلكم كباب وكفته.
قفرت شهد أمام والدها ثم عادت لتتعلق بعنقه.
_ اسرارك في بير ومش هنخلي عايدة تحس بحاجة...
في الساعة التاسعة مساء
كانت عايدة تسرع في ارتداء حذائها بعجالة.
_ أنا مش عارفة عمك مستعجل ليه هو لازم نحضر فرح ابن صاحبه... كان ممكن يروح من غيري أو ياخدك أنت و شهد بدالي.
ارتفع صوت شهد من المطبخ وقد وقفت تصنع لنفسها كوب من النسكافيه.
_ هو عايزك أنت معاه يا فوزيه.
وضعت ليلى كفها على شفتيها بعدما انفلتت ضحكتها رغما عنها.
_ ذاكري يا أم لسان طويل.
قالتها عايدة واتجهت ليلى نحوها لتهندم لها حجابها.
_ لولو أكعزيز بيه على التسخين بس أنا مش عارفه اتأخر ليه النهاردة عن ميعاد رجوعه...لو كان سعيد هنا مكنتش شيلت هم خروجي.
أسرعت ليلى بالتقاط كفيها لطمئنتها.
_ أنت قولت مجرد تسخين للأكل.
هزت عايدة رأسها غير مرحبة بقيام ليلى بمهامها فهي ليست إلا عاملة لدي السيد عزيز ولا ترغب أن تكون ابنتها أو ليلى بمكانها يوما يخدمون الأخرين لأن هذه وظيفتهم.
_ يا حببتي أنت راجعه من شغلك تعبانه وكفايه إنك بترجعي تساعديني في شغل البيت.
ارتفع رنين هاتف عايدة لتنظر إلى ليلى.
_ متقلقيش أنا و شهد موجدين بدالك و عزيز بيه طلباته مش كتير.
مدت عايدة يدها ومسحت على خدها.
_ مش هنتأخر أنا وعمك.
غادرت عايدة و عمها المنزل بأحدى سيارات عزيز الزهار.
خفق قلب ليلى وهي تتحرك صوب الڤيلا لتنتظر قدومه.
جلست بالمطبخ وقد مرت ساعه على جلوسها بانتظاره.
نظرت إلى
الوقت بهاتفها ثم أطلقت تنهيدة طويلة لتلوم نفسها على مشاعرها التي تنجرف يوما بعد يوم لطريق مجهول.
دمعت عيناها عندما تذكرت تجاهله لها الأيام الماضية حتى أنه رفض أن تتولى خدمته بدلا عن العم سعيد إلى أن يعود... فيكفيه خدمة عايدة له.
لم يخبرها أحد برفضه حتى لا يجرحوها لكنها استمعت للعم سعيد قبل ذهابه لقضاء مناسك العمرة عندما أخبر زوجة عمها بقراره وقد أقنعه لأنه رجل أعزب ولا يصح أن تخدمه فتاة شابه بعمر ليلى وكان رأي زوجة عمها مماثل له.
انتفضت من المقعد الذي تجلس عليه وشعرت بالتخبط عندما استمعت لصوت سيارته.
اندهشعزيز من سماع صوت آتي من المطبخ عند دلوفه للمنزل والتحرك لأعلى.
لقد أخبره عزيز سائقه أنه سيأخذ عايدة اليوم لقضاء بعض الوقت خارج المنزل للإحتفال بذكرى زواجهم.
هبط عزيز درجة السلم التي صعدها ثم انعرج بخطواته نحو المطبخ.
وقعت عيناه عليها وهي جاثية على الأرض حتى تجمع حبات فاكهة البرتقال التي سقطت دون قصد منها.
يتبع...
_ رواية ظنها دمية بين أصابعه.
_ بقلم سهام صادق.

 

تم نسخ الرابط