رواية ظنها دمية بين اصابعه للكاتبة سهام صادق

موقع أيام نيوز


بالمنزل دون فعل شئ كما أن اليوم صديق السيد عزيز في ضيافته وقد جاء ليلة أمس من تركيا وعليهم إعداد الأطعمة التي يحبها السيد نيهان شريك عزيز بمصنع الملابس.
_ سمية هانم عزمة نفسها النهاردة هي وجوزها على الغدا.
قالها العم سعيد بنبرة ممتقعه وقد أخبره عزيز منذ دقائق بأمر قدومها.
نظرت له عايدة ثم ضحكت وقد انتبهت ليلى على تجهم ملامح العم سعيد بسبب قدوم هذه المرأة التي صارت تعلم هويتها تماما لكن ما زال هناك أمر مجهول عنها لا تعرفه... زواجها من عزيز في فترة ما.

_ هو ليه بيكرهها كده.
أشارت لها عايدة بالصمت ثم قالت بعدما مسحت يدها بمنشفة المطبخ.
_ متقلقش يا سعيد الأكل يكفي عشر أفراد.
تجول سعيد بالمطبخ ينظر إلى الأصناف التي جهزتها عايدة بمساعدة ليلى.
_ لولو كفاية عليكي كده وارجعي البيت...
توقفت ليلى عن إلتقاط حبات الفاكهة التي كانت ستغسلها للتو أسفل صنبور المياة.
_ فاضل العصير هعمله وهروح البيت أشوف ناقص إيه من الاكل اعمله.
_ لا متعمليش حاجة... خلي شهد تقوم تعمل المكرونه والكفته.
قالتها عايدة بحزم فهي لا تعيش معهم لتقوم بأعمال المنزل.
_ بس شهد بتذاكر.
استاءت ملامح العم سعيد وقطب حاجبيه في عبوس.
_ لا دلوقتي قاعده بتتفرج على المسلسل... خليها تقوم بدل ما أنا اروح اقومها.
هزت عايدة رأسها لها بأن تتحرك وتنفذ ما أمرتها به فهي تريد أن تكون صغيرتها متعاونه تشعر بالغير.
_ يلا يا لولو اسمعي الكلام... ده في مصلحتها... عايزاها تفهم معنى المشاركة والإحساس بالغير وزي ما سعيد قالك اهي قاعده تتفرج على التلفزيون.
خرجت ليلى من المطبخ وقد تأكدت أنها اليوم فقدت فرصتها في رؤيته... فحدودها لا تتجاوز المطبخ لكن يكفيها أنها استمعت لصوته اليوم.
أخبرت شهد التي وجدتها بالفعل تجلس أمام التلفاز بأمر والدتها بأن تقوم بتحضير الطعام... فالكفته متبلة بالبراد.
مطت شهد شفتيها بتذمر ثم ألقت جهاز التحكم عن بعد الخاص بالتلفاز جانبا ونهضت بوجه عبوس لتنفذ أوامر والدتها.
ضحكت ليلى على ردة فعلها ثم اتجهت للغرفة لتخرج بعض الثياب وتذهب إلي المرحاض لتنعش جسدها بالماء حتى تضيع رائحة الطعام من جسدها.
ضاقت عيناها ثم اتسعت وهي تستمع لصوت مواء قطة أتي من الحديقة.
_ معقول تكون القطه رجعت... ده عم سعيد اخدها. وحطها قدام البوابه بره وبقالها مدة غايبة.
أسرعت ليلى بترك ثيابها على الفراش ثم اتجهت للمكان الذي أتى منه
الصوت بعدما ارتفع صوتها باسم شهد.
_ القطه شكلها رجعت يا شهد.
اتبعتها شهد التي حزنت كثيرا على القطة عندما علمت بفعلة خالها.
_ بوسي.
قالتها ليلى بفرحة بعدما التقطت القطه من وراء الشجرة .
اتسعت ابتسامة شهد عندما تعرفت على القطه التي قسى قلب خالها عليها لأنه لا يحب القطط.
_ خلينا نلحق نحميها ونأكلها قبل ما خالي يجي ويشوفنا.
تحركت ليلى وخلفها شهد لكن وجود عزيز بالحديقة ورؤيته لهم استوقفتهم.
ازدردت ليلى لعابها وأسرعت بتخبأة القطة ورائها.
_ أبيه عزيز.
خرج صوت شهد بتوتر ووقفت أمام ليلى حتى لا ينتبه عزيز على القطة ويفضح أمرهم فهو مثل خالها يكره القطط.
تفرستهم أعين عزيز ولم يكن يخفي عنه أمر القطة التي خبأتها تلك التي أخفضت رأسها عند رؤيته كعادتها.
_ بتعملوا إيه في الجنينة
_ كنا...
تمتمت بها شهد بتعلثم ثم استدارت ونظرت نحو ليلى التي حركت لها رأسها بأن لا تتكلم عنها.
_ كنا بنشوف الورد اللي زرعته ليلى كبر ولا لاء.
اتجهت عينين عزيز نحو الجهة التي أتوا منها وقد خلت من زراعة الزهور وسرعان ما كان مواء القطة يرتفع.
_ في صوت قطه.
قالها عزيز بتلاعب وهو ينظر إليهم وقد أخفى ابتسامته عنهم.
تحركت شهد من أمام ليلى وكأنها تخبرها بفعلتها أن تكذب هي هذه المرة.
_ بيتهيألي إن صوت القطه جاي من هنا.
قالها عزيز وعلى محياه ارتسمت ابتسامة ماكرة وقد خانته عيناه للمرة التي لم يعد يحصيها بالنظر نحو ليلى التي احمر خديها بسبب توترها.
_ مفيش حاجة ورايا.
همست ليلى بصوت خفيض وقد انسحبت شهد هاربة بعدما لمحت قدوم خالها نحوهم.
_ بتكذبي يا ليلى.
هتف بها عزيز وهو يرسم الجدية على ملامحه التي كساها الإرهاق ولكنه لا يعلم لما رغب بمناكفتهم.. خاصة تلك التي وقفت أمامه مثل القطة التي تخبأها ورائها.
طأطأت ليلى رأسها وسرعان ما كانت تخرج القطة من ورائها ثم رفعت عيناها إليه.
هل ضاع يوما بالنظر في عينين امرأة تقوده إلى الهلاك نحو ما عفا عنه نفسه.
إنه يقع بالمحظور ورغم صافرة الإنذار التي يطلقها عقله إلا أنه أدرك بضعف ذلك
القابع بين أضلعه.
_ في حاجة يا عزيز بيه...
وسرعان ما خرجت شهقة من فم العم سعيد وهو يلمح القطة التي بين يدي ليلى.
_ أنا مش حطيت القطة دي قدام البوابه... مين اللي جابها هنا.
تحركت عينين ليلى تبحث عن شهد التي وقفت بعيدا تطالع المشهد.
انفلتت القطة من يدي ليلى بعدما أدركت أن مصيرها
سيكون الشارع على يد هذا العجوز مرة أخرى.
_ بوسي
صاحت بها ليلى وركضت ورائها تحت أنظار عزيز الذي سرعان ما تحرك ورائها حتى يلتقط القطة.
ألجم المشهد العم سعيد الذي يعلم تماما بكره سيده للقطط.
ولم يكن العم سعيد و شهد وحدهم من يشاهدون ما يحدث فالسيد نيهان قد خرج من سيارته ووقف هو الأخر يطالع عزيز وهو يركض وراء القطة.
ضاقت عيني صالح بعدما وصل جده بحديثه الطويل إلى ما يرغب باخباره به.
_ اتجوز ! لا وكمان اخترت ليا العروسه.
ابتسم الجد وهو يتذكر الفتاة التي اختارها لحفيده وقد وافق نائل أخيرا على طلب الزواج.
_ البنت هادية وجميلة وكفايه إنها حفيدة عمك نائل.. البنت أول ما شوفتها قولت...
_ كفاية اخترت مره ليا كفايه بسببك مكبل بذنب مۏتها.
صاح بها صالح وقد فاض به الكيل ثم نهض من مقعده وتحرك ليغادر المنزل الذي ټخنقه جدرانه كلما أتى.
_ ليه محمل نفسك ذنب مۏتها سارة ممتتش بسببك... ده قضاء الله وقدره.
قالها السيد شاكر بصوت متحشرج ټخنقه العبرات ثم طأطأ رأسه واسند ذقنه فوق عكازه بعدما عادت ذكرى ۏفاة حفيدته تخترق فؤاده المكلوم.
_ وانا بقولك لاء يا شاكر بيه... أجبرتني مره لكن المرادي لاء.
ثم أردف ساخرا..
_ لو عايز المرادي ترفدني من شغلي مفيش مشكله...صالح بتاع زمان مبقاش موجود... أنا بقيت نسخة منك يا شاكر باشا.
تجمدت ملامح شاكر وهو يجد صالح يتحرك من أمامه.
_ ابنك محتاج أخ ولا أنت مش واخد بالك من حالته.
توقف صالح مكانه وأغمض عيناه ثم فتحهما بعدما ذكره بحالة صغيره التي تزداد سوء.
زفر أنفاسه وتابع سيره ليغادر بعدما استعاد رابطة جأشه.
_ فكر في يزيد وبلاش رفضك يكون عناد فيا يا صالح... ابنك هتسيبوا لمين...ذنب يزيد في رقابتك... ذنبه في رقابتك.
رددها شاكر ووقف صالح شاخص البصر لا يقوى على الحركة وقد عاد كلام الطبيب في أخر زيارة له بصغيره يتردد داخل رأسه.
يتبع..
بقلم سهام صادق
الفصل السابع عشر
_رواية ظنها دمية بين أصابعه.
_ بقلم سهام صادق
أغلق عزيز أزرار قميصه بعجالة لكن حركة يديه عند الأزرار العلوية تباطأت.
زفرة طويلة خرجت من شفتيه عبرت عما يجيش بصدره.
عاد المشهد الذي لم يمر عليه سوى ساعة واحدة يخترق ذاكرته.
لقد ركض وراء القطة ...لم يدفعه فعل هذا إلا من أجلها هي عندما وجدها تركض بلهفة وراء القطة وتنادي اسمها.
أسبل جفنيه مع خروج تنهيدة عميقة منه واستكمل إغلاق أزرار قميصه وقد علت وجهه الحيرة من أفعاله الأخيرة.
التقط المشط ليمشط به خصلات شعره الغزير بحركة سريعة ثم التقط قنينة عطره.
هبط درجات السلم بخفة ليتحرك صوبه العم سعيد قائلا.
_ مكنش المفروض تطاوعهم يا بيه وتوافق إن القطة تفضل في الجنينة... مش كفايه خربشتك في ايدك.
لقد نسي أمر خربشة القطة له.
ألقى بنظرة خاطفة نحو يده.. فأسرع العم سعيد بالإقتراب منه لرؤية ما فعلته القطة.
_ يا راجل يا طيب متقلقش.
_ أقول إيه عليهم... بقى يخلوك يا بيه تجري ورا قطه.
ابتسم عزيز وربت على كتف العم سعيد.
_ ما دام البنات عايزينها سيبهالهم يا راجل يا طيب.
امتقعت ملامح العم سعيد فهو بالفعل رضخ لأمره وأخبرهم أنه لولا موافقة السيد عزيز ما كان أبقى تلك القطة بحديقة المنزل.
_ نص ساعه بالكتير وحضر الغدا.
قالها عزيز بعدما نظر إلى ساعة يده واتجه إلى غرفة مكتبه حيث جلس نيهان يتحدث بهاتفه.
أشار إليه عزيز أن يواصل كلامه...
أنهى نيهان مكالمته واقترب منه يجلس قبالته ثم أطلق زفيرا طويلا بعدما أرخى رابطة عنقه قليلا.
_ مشاكل العمل لا تنتهي يا صديقي.
كان نيهان يتحدث اللغة العربية بمزيج من الفصحى والعامية المصرية لكثرة تواجده في مصر ومشاريعه.
_ شربت قهوتك.
تساءل عزيز فابتسم نيهان ثم مسح على بطنه.
_ يا رجل أنا جائع... متى سيأتوا ضيوفك.
اعتدل عزيز في جلوسه ثم نظر إلى ساعة يده وكاد أن يتحدث لكن نيهان قطع كلامه مازحا بلطف.
_ صحيح يا رجل من تلك الفتاة التي ركضت وراء قطتها... لم أصدق عيناي وأنا أراك تركض وراء قطة لكن يبدو أن تلك الفتاة جعلت عزيز الزهار ينسى كرهه للقطط.
ألقى نيهان كلامه ثم قهقه عاليا بعدما عاد المشهد إلى رأسه.
_ دي مجرد ردة فعل... البنت كانت واقفه قدامي مڤزوعة ولما القطة وقعت من ايدها اټفزعت أكتر وكانت هتقع وهي بتجري وراها.
بثبات استطاع عزيز إخفاء مشاعره وإظاهر اللامبالاة بكلامه حتى لا يكشف نيهان أمره.
هز نيهان رأسه لكن المكر تجلى بوضوح في مقلتيه وتساءل.
_ أهي من أقارب العم سعيد.
_ بنت أخو عزيز السواق.
قدوم سمية والسيد هارون زوجها قطعوا استرسالهم بحديث أراد عزيز الهرب منه وكان
له ما أراد...فقد أصبحت جلستهم بعد ذلك تخص العمل وكيف سيتم التأكد من أمر حاډث المصنع.
هل كان كما أخبرتهم الشرطة أم أن هناك يد خفية مندسة.
تقدمت عايدة بالصنية التي وضعت عليها فناجين القهوة وقد فاحت رائحتها.
_ تسلم ايدك على طعامة الأكل يا ست عايدة.
قالها نيهان بعدما التقط منها فنجان قهوته فابتسم عزيز وهو ينظر لها بنظرة ممتنة.
_ عايدة طول عمرها نفسها لا يعلى عليه في الأكل.
تخضبت وجنتي عايدة بالخجل من مديحهم وقد أبدى كذلك هارون رأيه مادحا الطعام... أما سمية اكتفت بارتشاف قهوتها ببطئ دون النظر إليها.
انسحبت عايدة وعادت أدراجها إلى المطبخ.
نهض عزيز بعدما وضع فنجان قهوته الذي أنهاه للتو جانبا ونظر إلى شاشة هاتفه الذي ارتفع رنينه.
_ عن إذنكم.
اعتذر منهم وابتعد عنهم تحت نظرات سمية التي التقطت على الفور اسم المتصل بعدما أجاب عزيز.
_ ده سيف
اتجهت أنظار كلا من هارون و نيهان عليها بعدما نهضت من المقعد وسارت وراء عزيز.
_ بقالها كذا يوم بتحاول تتصل بيه ومش عارفه توصله... حتى كانت ناويه تسافرله آخر الاسبوع.
قالها هارون تبريرا لفعلة زوجته فحرك نيهان رأسه له متفهما... رغم علمه بأفعال سمية
 

تم نسخ الرابط