رواية ظنها دمية بين اصابعه للكاتبة سهام صادق

موقع أيام نيوز


جبينه بخفة بعدما ذكرته بالدواء الذي يتناوله بعد الغذاء.
_ برضوه نسيت أعمل فيك إيه.
تمتمت بها زينب ثم أسرعت لتجلب له حبة الدواء.
لم تنزاح عينين شاكر عن زينب التي فور أن ابتلع نائل حبة الدواء وارتشف الماء قالت.
_ بالشفا يا حبيبي.
رقيقة جميلة هادئة والأهم خصالها جيدة... هذا ما يريده في زوجة حفيدة.
_ مش كفاية عليا المادة اللي بذاكرها.

توقفت ليلى عن حياكة أزرار بلوزتها وارتفعت ضحكاتها من تذمرها.
_ ممكن تكون عايزه تشرب مية أو بردانه يا شهد.
_ ما أنا حطيتها جوه كرتونه يا ليلى.
نهضت ليلى من على الفراش وقد تركت ما بيدها جانبا.
_ خلاص هخرج أشوفها.
_ لو عرف إن فيه قطة برا... هياخدها ويحطها قدام البوابة أصله مبيحبش القطط.
استمرت القطه في مواءها فهزت شهد رأسها بيأس.
_ القطه دي مصممه تفضحنا النهاردة مع خالي.
_ انا هخرج أشوفها.
_ لااا استني... افتحي الشباك أسهل.. هي تحت الشباك.
قالتها شهد بعدما عادت لډفن رأسها في كتابها الذي يأست من فهم صفحاته.
_ أنت حطاها تحت الشباك بتاع أوضتنا.
تساءلت ليلى واقتربت من النافذة ثم أزاحت الستار لفتحها.
_ ده ءأمن مكان ليها من خالي.... واهو خير تعمل شړ تلاقي.
ارتفعت قهقهة ليلى على فكاهة ابنة عمها وفتحت النافذة وقد نست تماما أن ترتدي شئ فوق منامتها بل وغفلت عن إرتداء وشاح رأسها.
_ حسابك معايا عسير يا معتز بقى هي دي الأمانة اللي سلمتها ليك.
شعر معتز بالحرج وهو يستمع إلى توبيخ عزيز وقد تحولت عيناه نحو نيرة التي كانت تستمع إلى عتاب عمها لهم.
_ صدقني يا عزيز بيه مكنتش عايز أخبي عليك اللي حصل.... بس اقول إيه نيرة صممت مقولش ليك عشان متقلقش.
زفر عزيز أنفاسه بقوة لا يصدق أن ابنة شقيقة أخفت عليه أمر إجهاضها.
أسرعت نيرة بإلتقاط الهاتف من زوجها تهتف بإعتذار مجددا.
_ أنا آسفة يا عمو أنا مكنتش عايزه أخبي عليك وفي نفس الوقت مش عايزه اقلقك عليا.
_ هو أنا عندي أغلى منك ومن أخوكي يا نيرة.
جلي الحزن بوضوح على ملامح نيرة وقد أطرقت رأسها بخزي من فعلتها.
_ هشوف حجز النهاردة وبكرة إن شاء الله هكون عندك في كندا.
_ يا عمو قولتلك إني بقيت كويسه دلوقتي و معتز واخد باله مني كويس... الحكاية عدا عليها اسبوع.
زفر عزيز أنفاسه بضيق بعدما عادت تخبره بالمدة التي أخفت عنه فيها ما حدث لها.
_ هجيلك كندا يا نيرة ولما اجي عتابي هيكون على جوزك.
أنهى عزيز المكالمة معهم ثم ألقى الهاتف على مكتبه وأغلق جفنيه بإرهاق.
نهض من فوق مقعده واتجه نحو الشرفة التي تحتل غرفة مكتبه.
أزاح الستار قليلا ليفتح النافذة وقد اخترق أذنيه صوت تلك التي انحنت بجسدها نحو القطة لتلتقطها وترفعها من أسفل النافذة.
القمر هذه الليلة كان في تمام إكتماله وقد تسلط ضوئه نحوها.
ضاقت عيناه بنظرة التهمت تفاصيل تلك التي ضمت القطه إلى حضنها ثم أسرعت بغلق نافذة الغرفة.
لولا ظلام الغرفة لكان أمره قد ڤضح... عيناه ظلت للحظات عالقة بنافذة تلك الصهباء التي ظهرت له اليوم بفتنتها.
أسرع عزيز بإزاحة الستار وابتعد
عن الشرفة يمرر أنامله فى خصلات شعره پعنف يكاد يقتلعهم.
أطبق على جفنيه وهز رأسه ثم أخذ يتمتم ب الإستغفار.
لا يصدق أنه بعد هذا العمر يقف كالمراهق يتأمل تفاصيل امرأة من وراء نافذته.
_ معقول يا عزيز .... معقول تقف زي المراهق تبحلق فيها.
ضيقه من حاله لم يستطيع إخماده وقد صعد إلى غرفته ليجهز حقيبة سفره وقد قرر داخل نفسه أنه حين عودته سيلفت نظر العم سعيد للأمر.
في الصباح الباكر
_ صباح الخير يا بيه.
قالها العم سعيد وقد استدار عزيز نحوه بعدما سحب فنجان قهوته بعدما امتلئ.
_ هتشرب قهوة على الريق... دقايق والفطار هيكون جاهز.
أسرع العم سعيد نحو البراد ليفتحه ويقوم بتحضير الفطار لكن توقفت يد العم سعيد أمام حبات البيض قبل أن يلتقطهم.
_
متحضرش حاجة يا عم سعيد أنا هشرب قهوتي وهروح المعرض أخلص شوية حاجات مع أستاذ جابر وهطلع على المطار.
_ مطار أنت مسافر يا بيه...
ارتشف عزيز من فنجان قهوته ثم أطلق زفيرا طويلا.
_ نيرة ...
وقبل أن يواصل عزيز كلامه كان العم سعيد يقترب منه بلهفة ويتساءل.
_ مالها نيرة يا عزيز بيه.
تنهد عزيز ثم تجرع ما تبقى من قهوته دفعة واحدة.
_ الطفل نزل الهانم مرضيتش تقولنا عشان مش عايزانا نقلق عليها.
احتل الحزن ملامح العم سعيد بعدما أخبره بفقدها للطفل.
_ ليه كده يا نيرة هانم ... قلبي كان حاسس إن فيها حاجه... صوتها من يومين مكنش عاجبني وهي بتسألني عليك وبتوصيني على أكلك.
وضع عزيز الفنجان الفارغ في حوض الجلي ثم اتجه إلى خارج المطبخ قائلا وهو يسرع بخطواته متجها لأعلى.
_ خلي عزيز يجهز العربية عشان يوصلني المعرض وبعدين ياخدني للمطار.
....
_ إدارة المدرسة اتصلت واشتكت من سلوك ابنك.
قالها السيد شاكر وهو يطرق بعصاه وينظر نحو حفيده الذي وقف قرب الدرج منتظرا أخذ طفله.
_ صالح أنا بكلمك.
_ نوال اطلعي شوفي الولد اتأخر فوق ليه.
تمتم بها صالح وقد تحركت الخادمة لأعلى لتنفذ أوامره.
_ استنى يا نوال عندك....
توقفت الخادمة مكانها تنظر إليهم في حيره.
_ روحي المطبخ يا نوال.
خرج صوت شاكر پحده وهو يرمق صالح الذي أشاح عيناه بعيدا عنه.
_ ومتطلعش ليه تاخد ابنك بنفسك ولا خلاص حرمت على نفسك وجودك في القصر.
_ القصر ده مملكتك أنت يا شاكر بيه...
تجهمت ملامح شاكر واحتدت نظراته وقد أخذ يدق الأرض بعصاه بقوة من شدة غضبه.
_ كل اللي بملكه ملكك أنت يا صالح... أنا بعمل كل ده...
لم يكمل شاكر كلامه وقد سقطت العصاه منه وارتفع صوته بتهدج.
_ أنت وريثي.
استدار صالح ناحيته بفزع واتجه إليه بعدما احتل القلق عيناه.
_ جدي رد عليا أنت كويس.
التقط شاكر أنفاسه بصعوبه وقد صدح صوت صالح بصړاخ.
_ عم حسن... عم حسن... اتصل بالدكتور بسرعه.
ولم تكن اللهفة التي رأها شاكر في عيني صالح قبل سقوطه في غيبوبة مؤقته إلا إشارة له بأن حفيده ما زال يحبه مهما أظهر له غير ذلك.
فتح شاكر عيناه بعد وقت وقد وجد صالح نائم على المقعد قربه وقد جلي الإرهاق بوضوح على ملامحه الوسيمة.
انفرجت شفتي شاكر بابتسامة... حفيده لم يتركه بل بقى جواره.
حاول شاكر كتم سعاله حتى لا يوقظه ولكن أخذ يسعل بشدة.
انتفض صالح من نومه الذي لا يعرف متى سقط فيه ينظر إلى جده.
_ أنت كويس.
_ متخافش عليا يا صالح...
ثم تساءل وقد لمعت عيناه بالسعادة.
_ أنت و يزيد فضلتوا نايمين هنا في القصر.
زفرة طويلة أطلقها صالح ثم أخذ يحرك يده على خصلات شعره.
كاد أن يتحدث شاكر لكن انفتح باب الغرفة ودلف كلا من صفوان و حورية متجهين نحو شاكر بلهفة.
_ تاني يا بابا تاني هنعيد اللي حصل من سنين.
قالها صفوان بعدما أخبره أنه وجد ل صالح عروس جميلة ومن عائلة.
_ يا صفوان ابنك مش هيتغير هيفضل طول عمره حاسس بذنب سارة .. يزيد بيضيع... حالته كل يوم بتتأخر... حفيدك مشخص بالتوحد.
هز صفوان رأسه بيأس من والده ولكي ينهي نقاشه مع والده.
_ مش هجبر ابني على الجواز تاني يا بابا... ابني حر في اختياراته...
غادر صفوان غرفة والده وقد التمعت عينين شاكر بتصميم على أمر زواج صالح.
وقد زاد تصميمه عندما أتى نائل
و نجيب لزيارته والإطمئنان عليه وقد طلب منه نائل بحرج أن يجد وظيفة لحفيدته في شركته لكن عندما يطيب وتستقر صحته.
انتهت ليلى من تقوير حبات الكوسة وقد انشغلت السيدة عايدة في ترتيب الأغراض التي ابتاعتها من السوق.
_ انا خلصت تقوير الكوسه فاضل تقوير البتنجان.
قالتها ليلى فاستدارت السيدة عايدة جهتها وقد ارتسمت ابتسامة واسعة على محياها والتمعت عيناها بحب.
_ تسلم ايدك يا لولو... حقيقي من ساعة ما جيتي وحياتنا بقت أحلى.
خجلت ليلى من كلمات عايدة وقبل أن تواصل عايدة كلامها كانت شهد تندفع إلى داخل المطبخ.
_ ماما فين البلوزة بتاعتي.
_ ياريت خالك كان هنا عشان يسمعك كلمتين حلوين لأن الظاهر إني دلعتك.
أسرعت شهد جهة والدتها لتتعلق بذراعها بعدما وضعت قبلة خفيفة على وجنتها.
_ اتأخرت على الدرس يا عايدة... النهاردة الجمعه والمواصلات بتكون قليله.
_ليلى انا راجعه بسرعه يا حببتي... زمان سعيد جاي باللحمة من عند الجزار.
تمتمت بها عايدة قبل أن تسحبها شهد من ذراعها خارج المطبخ.
توترت ليلى من وجودها بالڤيلا التي دلفت إليها من قبل مع العم سعيد لتقديم الحلوى إلى السيد عزيز.
_ أنت مكسوفه ليه دلوقتي يا ليلى عزيز بيه مش موجود...
قالتها ليلى لحالها لعل دقات قلبها تهدأ عن الخفقان وعادت تنشغل بتقوير حبات الباذنجان التي تقوم عايدة بتخزينها لوقت الحاجة إليها.
_ حمدلله على السلامة يا عزيز بيه.
قالها عزيز السائق بعدما ترجل عزيز من السيارة ولم يخبر أحد بقدومه إلا بعدما صار بالمطار.
دلف عزيز المنزل وعلى وجهه ظهر التعب... سار اتجاه الدرج ولكن ارتفاع
صوت التلفاز جعله يغير طريقه ويتجه صوب المطبخ.
ضاقت عينين نائل بحيره واعتدل في مقعده عندما وجد شاكر يتحدث هنا وهناك بكلام غير مترابط.
زفر نائل أنفاسه بقوة فهل يتهرب شاكر من إخباره أنه لم يجد وظيفة لحفيدته في شركته.
تقدمت زينب إلى داخل الغرفة حيث جلس جدها مع صديقه تحمل بين يديها صنية الضيافة وعلى محياها ارتسمت ابتسامتها الرقيقة.
توقف شاكر عن الكلام ثم رفع عيناه نحو زينب.
_ شكرا يا بنتي.
_ العفو.
ردت بهمس خاڤت خجل وقد التقط شاكر كوب الشاي لعله يستطيع الهرب قليلا من نظرات نائل إليه الذي انتظر منه سماع رده عن عمل زينب بشركته.
ابتسمت زينب إليه ونظرت إلى جدها تتساءل.
_ محتاج حاجه مني تاني يا جدو.
_ شكرا يا حببتي.
تمتم بها نائل وهو يرمقها بنظرة حانية.
غادرت زينب الغرفة وقد عادت عيني نائل تتفرس ملامح شاكر ثم هز رأسه بتفهم.
_ مش هزعل يا شاكر لو قولتلي إنك مش لاقي وظيفة مناسبة لحفيدتي عندك... اعتبرني مطلبتش منك حاجة.
اتسعت عيني شاكر ثم سعل بشدة فهل فسر نائل كلامه هكذا.
التقط نائل كأس الماء ليعطيه له وقد التقطه شاكر منه بعدما وضع كوب الشاي على الطاوله.
_ أنا عايز زينب زوجة ل صالح حفيدي يا نائل.
يتبع....
بقلم سهام صادق
الفصل الرابع عشر
_ بقلم سهام صادق
توقف عزيز شاخص البصر ينظر إلى فتنة تلك التي لا يعرف سبب وجودها بمطبخ منزله.
عيناه التي لا تعرف التأمل بفتنة النساء ولا ترتفع نحو امرأة... خانته للمرة الثالثة.
ازدرد لعابه وتراجع خطوة للوراء يمسح على وجهه وهو لا يصدق حاله.
إنه آتى للمطبخ وهو يظن أن من به هي عايدة وليست تلك التي صارت تسقطه يوما بعد يوم في شرك خطيئة لا يتسم بها الرجال.
عقدت ليلى خصلات شعرها بإحكام وأسرعت بوضع حجاب رأسها
 

تم نسخ الرابط